تخطى إلى المحتوى
تحليل توقعات السوق السعودي لعام 2025: فرص وتحديات

تحليل توقعات السوق السعودي لعام 2025: فرص وتحديات

يشهد الاقتصاد السعودي توقعات متفائلة لعام 2025 مدعومة باستمرار برامج رؤية 2030 والإصلاحات الاقتصادية. تشير أحدث تقديرات صندوق النقد الدولي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3.3% في 2025، على الرغم من أن تمديد اتفاقيات خفض إنتاج النفط عبر تحالف أوبك+ قد يحدّ من وتيرة هذا النمو​

ولا تزال العائدات النفطية عاملاً حاسماً؛ إذ يُتوقّع استقرار أسعار النفط عند مستويات متوسطة (حيث رجّح تقرير حديث أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 73 دولارًا للبرميل في 2025 مقارنة بمتوسط 2024 الذي بلغ حوالي 80 دولارًا​ gulf-insider.com.

على صعيد التضخم، حافظت الأسعار على ارتفاع طفيف فقط بنهاية 2023 (نحو 1.5% سنويًا في ديسمبر 2023) ولكن من المتوقع تسارعها نسبيًا مع تعافي الاقتصاد وزيادة الطلب خلال 2024​ attaqa.net.

بالتوازي مع ذلك، تواصل الحكومة تنفيذ سياسات مالية وتحفيزية لدعم الأنشطة غير النفطية، بما في ذلك إطلاق قوانين جديدة لجذب الاستثمارات (مثل نظام الاستثمار الجديد الذي يساوي بين المستثمر الأجنبي والمحلي​ agbi.com.

وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة توفر إعفاءات وحوافز لجذب الشركات​ comrise.com .

في ظل هذه المعطيات، يتعين تقييم التوقعات القطاعية في المملكة لعام 2025 عبر استعراض الفرص والتحديات في القطاعات الرئيسية للاقتصاد comrise.com.

قطاع الطاقة

يظل قطاع الطاقة (وخاصة النفط والغاز) عمود الاقتصاد السعودي ومصدر الدخل الأساسي. في 2025، من المتوقع أن يستفيد القطاع من الاستقرار النسبي لأسعار النفط عند مستويات جيدة تاريخيًا، إلى جانب الحفاظ على حصص سوقية قوية للمملكة بوصفها أكبر مُصدّر للنفط. كما تتواصل جهود المملكة لتنويع مزيج الطاقة؛ إذ تضخ استثمارات هائلة في مشاريع الطاقة المتجددة (شمسية ورياح) بهدف توليد أكثر من 50% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر خضراء بحلول 2030 مما يفتح آفاقًا جديدة لنمو قطاع الطاقة النظيفة comrise.com .

كذلك يمثل تطوير موارد الغاز الطبيعي (مثل حقل الجافورة العملاق) فرصة لتعزيز إمدادات الغاز محليًا والتوجه نحو صادرات البتروغاز مستقبلًا. هذه الجهود، إضافة إلى مبادرات الاقتصاد الدائري للكربون والهيدروجين الأخضر، تعزز مكانة المملكة كمنتج متكامل للطاقة التقليدية والجديدة.

الفرص:

  • استمرار الطلب العالمي على النفط عند مستوى معقول يتيح للمملكة تحقيق إيرادات مستقرة تدعم الإنفاق الحكومي والاستثمارات ​attaqa.net. كذلك تضمن ريادة أرامكو عالميًا وقدرتها المنخفضة التكلفة في الإنتاج ميزة تنافسية حتى في ظل تقلبات السوق.
  • التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة بدعم حكومي مباشر (مثل مجمعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) مما يوفر فرصًا استثمارية كبيرة وشراكات مع شركات دولية، إلى جانب خلق وظائف في مجالات هندسية وتقنية جديدة ​comrise.com. هذا التحول يحوّل بعض التحديات المناخية إلى فرص، حيث تسعى المملكة لريادة إقليمية في قطاع الطاقة النظيفة.
  • تكامل قطاع الطاقة مع قطاع الصناعات التحويلية (البتروكيماويات والتكرير) يوفر قيمة مضافة أعلى؛ مثل مشاريع تحويل النفط إلى بتروكيماويات التي تطورها أرامكو وسابك، والتي تعزز العوائد عبر سلسلة القيمة وتفتح أسواقًا جديدة للمنتجات السعودية.

التحديات:

  • اضطرابات أسواق النفط العالمية واحتمال عودة الفائض في المعروض خلال 2025 قد تضغط على الأسعار. تشير التقديرات إلى نمو قوي في إمدادات الدول خارج أوبك (+1.5 مليون برميل يوميًا في 2025) مما قد يسبب فائضًا في السوق ​attaqa.net. وهذا يفرض على تحالف أوبك+ تحديًا في إدارة مستويات الإنتاج لضمان توازن السوق والحفاظ على الأسعار. أي إخفاق في التنسيق قد يقود إلى تذبذب سعري يؤثر على الإيرادات.
  • التوجه العالمي لتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة يُلقي بظلاله على الطلب طويل الأجل على النفط. تراجع شهية الأسواق للوقود الأحفوري بفعل سياسات خفض الكربون وتبنّي المركبات الكهربائية يشكل تحديًا إستراتيجيًا للمملكة على المدى البعيد. كذلك فإن قرار شركة أرامكو الأخير بإلغاء خطط زيادة طاقة الإنتاج القصوى إلى 13 مليون برميل يوميًا يعكس نظرة أكثر تحفظًا حيال نمو الطلب مستقبلاً ​agbi.com. هذا الواقع يتطلب من القطاع ابتكار نماذج عمل جديدة وتحسين الكفاءة للحفاظ على دوره الريادي.
  • تكاليف التطوير في قطاعات الغاز والمتجددة مرتفعة، مما يفرض عبئًا ماليًا وتحديات تقنية. تطوير البنية التحتية للغاز غير التقليدي ومشاريع الهيدروجين يتطلب رأس مال ضخم وتكنولوجيات متقدمة، إلى جانب ضرورة بناء كوادر محلية متخصصة. كما أن المنافسة الإقليمية في مجال الطاقة المتجددة تحتدم (مثلاً من الإمارات ومصر)، مما يستوجب تسريع وتيرة التنفيذ للحفاظ على موقع تنافسي.

قطاع التكنولوجيا

يمثل قطاع التكنولوجيا محورًا أساسيًا في خطط التنويع الاقتصادي للمملكة، حيث تسعى للتحول إلى اقتصاد معرفي رقمي. بحلول 2025، يُتوقع أن يواصل هذا القطاع نموه السريع مستفيدًا من الدعم الحكومي الكبير والمبادرات الإستراتيجية. فقد أطلقت الحكومة صناديق استثمار وبرامج تحفيزية عديدة لدعم الابتكار الرقمي، وجرى تمويل الشركات الناشئة في مجالات التقنية المالية (Fintech) والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي. نتيجة لذلك، أصبحت السعودية سوقًا ناشئة جاذبة للاستثمار التقني، حيث يستقطب القطاع شركات عالمية ومحلية للاستفادة من الفرص المتنامية​

كما تتجلى البنية التحتية الرقمية المتطورة في المملكة عبر انتشار شبكات الألياف الضوئية والجيل الخامس 5G على نطاق واسع، ما يوفر قاعدة قوية لنمو الخدمات الرقمية والمدن الذكية (على غرار مدينة نيوم المستقبلية). بالإضافة إلى ذلك، يسهم التركيب السكاني الشاب وارتفاع نسب استخدام الإنترنت والهواتف الذكية (أكثر من 90% من السكان متصلون رقميًا) في تعزيز الطلب على الخدمات التقنية والمنتجات الرقمية comrise.com.

الفرص:

  • دعم حكومي غير مسبوق: وضعت المملكة التحول الرقمي في صميم رؤيتها، حيث أن 66 هدفًا من أصل 99 هدفًا لرؤية 2030 مرتبطة بالبيانات والذكاء الاصطناعي. هذا الالتزام يتجسد في مبادرات مثل القمة التقنية العالمية (مؤتمر LEAP) وإنشاء هيئات متخصصة (الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي SDAIA) ​comrise.com. البيئة التنظيمية تشهد تحديثات مستمرة لتسهيل الأعمال الرقمية، بما في ذلك قوانين التجارة الإلكترونية وحماية البيانات.
  • أسواق جديدة ونمو سريع: تشهد قطاعات مثل التقنية المالية والتعليم الإلكتروني والحوسبة السحابية نموًا قويًا مع تبني المستهلكين والشركات للحلول الرقمية. توسع الخدمات الحكومية الإلكترونية (الحكومة الرقمية) يوفر فرصًا للشركات التقنية للمشاركة في مشاريع ضخمة لتحويل الخدمات العامة. كما أن دخول شركات اتصالات وتقنية عالمية إلى السوق السعودي وتوسعة استثماراتها يدل على جاذبية السوق وإمكاناته الربحية العالية.
  • حاضنات الابتكار وريادة الأعمال: توفّر السعودية اليوم مناخًا داعمًا للشركات الناشئة عبر مسرّعات الأعمال وحاضنات التقنية المنتشرة (مثل برنامج بادر وصندوق STV الاستثماري). هذا يشجع رواد الأعمال على إطلاق حلول مبتكرة محليًا وجذب استثمارات رأس المال الجريء. ومن شأن نجاح قصص الشركات الناشئة السعودية أن يرسخ مكانة المملكة كمركز تقني إقليمي بحلول 2025.

التحديات:

  • نقص الكوادر المتخصصة: رغم تحسينات التعليم والتدريب، لا يزال العثور على عدد كافٍ من المهندسين والمبرمجين المهرة محليًا تحديًا قائمًا. يتوجب على الشركات أحيانًا استقدام خبرات أجنبية أو التنافس بشدة فيما بينها لاستقطاب المواهب التقنية السعودية محدودة العدد. سدّ هذه الفجوة يتطلب تطوير سريع لمهارات القوى العاملة عبر التعليم والتدريب التقني المتقدم.
  • التنافسية الإقليمية والدولية: تسعى مدن ودول أخرى في المنطقة (مثل دبي وأبوظبي والدوحة) لتكون مراكز إقليمية للتكنولوجيا أيضًا، مما يعني منافسة على الاستثمارات والمشاريع والشركات الكبرى. كذلك تحتكر شركات تقنية عالمية حصة كبيرة من السوق في مجالات الحوسبة والبرمجيات، ما يصعّب على الشركات المحلية الناشئة التوسع خارج نطاق معين. يتعين على القطاع إيجاد مجالات متخصصة أو ميزات تنافسية فريدة لضمان حصة سوقية قوية.
  • التنظيم والأمن السيبراني: تتطور البيئة التنظيمية للتقنية بسرعة في المملكة لمواكبة النمو الرقمي، إلا أن تغير القوانين المستمر – مثل لوائح حماية البيانات الشخصية – قد يربك الشركات ويتطلب منها موارد للامتثال الدائم ​incountry.com. كما تبرز تهديدات الأمن السيبراني كهاجس مع تزايد الرقمنة؛ فالحفاظ على بيئة رقمية آمنة وحماية البنية التحتية التقنية من الهجمات الإلكترونية تحدٍ لا بد من التعامل معه لضمان استدامة الثقة في الاقتصاد الرقمي.

قطاع العقارات

يعد قطاع العقارات السعودي من أكثر القطاعات حيوية، مدفوعًا بمجموعة من العوامل الديمغرافية والاقتصادية. في 2025، يُرتقب أن يحقق القطاع نموًا قويًا مستفيدًا من زخم مشروعات الرؤية 2030 الضخمة والتوسع الحضري المتسارع​

فقد أطلقت الحكومة وشركاتها الاستثمارية (صندوق الاستثمارات العامة وغيره) عدة مشاريع تطوير عمراني وسياحي غير مسبوقة بحجمها، مثل مدينة نيوم المستقبلية ومشروع البحر الأحمر السياحي ومدينة الترفيه في القدية وتطوير منطقة درة الرياض (الدرعية) التاريخية deloitte.com. هذه المشاريع العملاقة ستضيف مدنًا ومناطق عمرانية جديدة، وتخلق طلبًا كبيرًا على شركات الإنشاءات والخدمات العقارية، فضلاً عن تنشيط قطاعات التجزئة والضيافة المرتبطة بها. أيضًا، يستمر النمو السكاني الطبيعي وارتفاع نسبة التحضر (انتقال السكان للمدن) في خلق حاجة مستمرة لتوسعة الإسكان والبنية التحتية. تسعى الدولة لتحقيق هدف اجتماعي اقتصادي مهم يتمثل في رفع نسبة تملك المساكن للمواطنين إلى 70% بحلول 2030، عبر برامج الإسكان المدعومة وتطوير التمويل العقاري. وقد استثمرت الحكومة بكثافة في السنوات الأخيرة في إنشاء وحدات سكنية جديدة وتوفير قروض ميسرة للمشترين، مما زاد من المعروض وساعد شرائح كبيرة على دخول سوق التملك.

الفرص:

  • مشاريع ضخمة تعيد تشكيل الخريطة العمرانية: تشكل المشروعات الحكومية الكبرى رافعة قوية لنمو القطاع العقاري بكافة فئاته. فهي لا تقتصر على إنشاء مدن وأحياء جديدة وحسب، بل تتضمن أيضًا تطوير بنية تحتية حديثة (مطارات، طرق، قطارات) ومرافق خدمية جاذبة، ما يعزز قيمة المواقع المحيطة ويرفع نشاط السوق العقارية ككل ​deloitte.com. على سبيل المثال، الاستعدادات لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض وكأس آسيا 2027 وربما كأس العالم 2034 ستتطلب استثمارات عقارية هائلة (من فنادق ومنشآت رياضية ومعارض)، وتوفر فرصًا للمطورين المحليين والدوليين.
  • نمو الطلب السكاني والسياحي: يدعم ازدياد عدد السكان (حاليًا نحو 35 مليون ويتوقع استمراره في التصاعد) الطلب على الإسكان بكافة أنواعه. تشير الدراسات إلى الحاجة لبناء حوالي 115 ألف وحدة سكنية سنويًا على مدى السنوات الست المقبلة لمواكبة النمو السكاني وارتفاع معدلات التملك ​arablocal.com. هذا الطلب الكبير يضمن للمستثمرين العقاريين سوقًا نشطة لسنوات قادمة. كما أن انفتاح المملكة على السياحة العالمية (مع استقطاب 100 مليون زيارة سنوية بحلول 2023) يخلق طلبًا على العقارات الفندقية والسياحية، خاصة مع تطوير وجهات جديدة كالعلا والبحر الأحمر وسودة عسير.
  • إصلاحات وسياسات جاذبة للاستثمار: أدخلت الحكومة تعديلات تنظيمية لتشجيع الاستثمار العقاري، شملت السماح بملكية أجنبية أكبر في العقار وتسهيل إجراءات الرهن العقاري وتحسين شفافية السوق. تستهدف إستراتيجية الاستثمار الوطني رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنويًا بحلول 2030deloitte.com، ومن المرجح أن يحظى قطاع العقارات بحصة وافية منها بفضل إصلاحات مثل منح الإقامة المميزة للمستثمرين العقاريين الأجانب. هذه التطورات تشجع شركات التطوير العالمية وصناديق الاستثمار العقاري على دخول السوق السعودي أو توسيع نشاطها فيه.

التحديات:

  • تكاليف تمويل عالية وضغوط القدرة الشرائية: شهدت الفترة 2022–2023 ارتفاعًا في أسعار الفائدة وتكاليف الإقراض العقاري تماشياً مع السياسات النقدية العالمية، مما أثر سلبًا على قدرة كثير من الأسر (خاصة الشباب) على تحمل تكاليف شراء المسكن. وبحسب استبيانات السوق، تراجعت نسبة المشترين لأول مرة إلى 29% في 2023 من 40% سابقًا نتيجة ارتفاع الأسعار ومعدلات الفائدةarablocal.com. ورغم احتمال انخفاض الفائدة نسبيًا بحلول 2025، إلا أن مستويات الأسعار المرتفعة (زادت أسعار الشقق في الرياض بنحو 11% خلال 2024​arablocal.com) لا تزال تمثل عائقًا أمام تحقيق حلم التملك لشريحة واسعة، مما قد يبطئ وتيرة الطلب الفعلي في السوق السكني.
  • اختلالات هيكلية بين فئات العرض والطلب: يواجه السوق العقاري تحدي توفير الإسكان الملائم بأسعار مناسبة لذوي الدخل المتوسط والمنخفض. تركز العديد من كبرى شركات التطوير على المشاريع الفاخرة الموجهة لشريحة الدخل المرتفع، ما أوجد تخمة محتملة في قطاع الإسكان الفاخر مقابل نقص في المساكن ميسورة التكلفة ​arablocal.com.
  • يحذر الخبراء من احتمال حدوث تخمة في المعروض من الوحدات الفاخرة خلال خمس سنوات إذا لم يتم تحفيز طلب إضافي من شرائح جديدة مثل المشترين الدوليين​arablocal.com. لذلك تعتمد استدامة السوق على نجاح مبادرات كبرى (مثل شركة روشن للإسكان وشركة الوطنية للإسكان) في إنتاج مساكن بأسعار معقولة، وكذلك على جذب استثمارات أجنبية للسوق السكني (خاصة مع اتجاه المملكة لتخفيف القيود على تملك الأجانب للعقار في مدن رئيسية ​arablocal.com).
  • انخفاض مؤقت في استثمارات القطاع الخاص: رغم الآفاق الإيجابية، شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة انخفاضًا خلال معظم 2024 مقارنة بـ 2023​ deloitte.com، وربما يعود ذلك لحالة الترقب لدى المستثمرين العالميين وتقلبات الاقتصاد العالمي. هذا الانخفاض المؤقت في شهية الاستثمار قد يؤثر على بعض المشاريع العقارية إذا استمر. كما أن المطورين المحليين يواجهون تحدي السيولة والتمويل لإنجاز المشاريع العملاقة ضمن الجداول الزمنية الطموحة. نجاح القطاع يعتمد على استمرار الدعم الحكومي (كضمان القروض وتمويل البنية التحتية) وعودة الثقة للمستثمرين مع استقرار الأوضاع العالمية.

القطاع المصرفي (البنوك)

يحافظ القطاع المصرفي السعودي على متانته واستقراره مدعومًا بالسيولة القوية والإشراف التنظيمي المحكم من البنك المركزي (ساما)، وقد أثبت في السنوات الأخيرة قدرته على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية. في 2025، تشير التوقعات إلى استمرار نمو الائتمان بنحو 10% مدفوعًا بالطلب القوي على القروض من الشركات المساهمة في مشاريع رؤية 2030، وكذلك استمرار نمو التمويل العقاري للأفراد​

هذا التوسع في الإقراض – رغم توقع انخفاض طفيف في هوامش الربح مع اتجاه أسعار الفائدة للهبوط عالميًا – سيُبقي ربحية البنوك مستقرة عند مستويات جيدة (عائد على الأصول بنحو 2.1%-2.2% وهو مشابه للعام السابق)​ arabnews.com.

وتعزّز مشاريع البنية التحتية والخصخصة وتمويل سلاسل الإمداد المحلية أعمال المصارف في مجال تمويل الشركات وإدارة الإصدارات والسندات. كما أن اندماجات المصارف الكبرى الأخيرة (مثل اندماج الأهلي وسامبا لتكوين البنك الأهلي السعودي) جعلت بنوك المملكة أكثر قدرة على تمويل الصفقات الضخمة ومنافسة المؤسسات الإقليمية. بالتوازي، تشهد الخدمات المصرفية تطورًا نوعيًا بفضل الرقمنة؛ فالبنوك السعودية من بين الأكثر تقدمًا في تبني التقنيات المالية الحديثة (مثل انتشار المدفوعات الإلكترونية عبر مدى، وإطلاق بنوك رقمية بالكامل)، مما يخدم شرائح العملاء الشابة ويزيد الكفاءة التشغيلية.

الفرص:

  • تمويل المشاريع التنموية الكبرى: مع استمرار إنفاق الحكومة والشركات الكبرى على مشاريع الرؤية، يرتفع الطلب على القروض التجارية وتمويل المشاريع. وقد نما بالفعل إجمالي محفظة القروض في القطاع المصرفي بنسبة 13% على أساس سنوي حتى أواخر 2024 ​arabnews.com، ويُتوقع أن تواصل البنوك هذا النمو لتلبية الاحتياجات التمويلية لمشاريع البنى التحتية والإسكان والقطاعات الجديدة. هذا يوفر مجالاً لتوسع الإيرادات من الفوائد والرسوم. كما أن خطط الخصخصة وطرح شركات حكومية في سوق الأسهم تفتح فرصًا للأعمال المصرفية الاستثمارية وإدارة الاكتتابات.
  • التوسع في التمويل العقاري والرقمي: يُتوقع انتعاش التمويل العقاري مع انخفاض طفيف في تكاليف الإقراض وزيادة المعروض السكني، خاصة مع دعم الحكومة للقروض العقارية المدعومة. أشارت تقارير إلى نمو قوي في محفظة الرهن العقاري بالبنوك بدعم من تركيبة سكانية شابة تحتاج لمساكن ​arabnews.com. كذلك يمثل التحول الرقمي فرصة ذهبية؛ فإطلاق بنوك رقمية جديدة (مثل STC Pay التي تحولت إلى بنك رقمي) ومنصات التقنية المالية يتيح للبنوك الوصول لشريحة غير المخدومين سابقًا وخفض نفقاتها. النمو في الخدمات عبر الإنترنت والجوال يعزز الإيرادات من العمولات ويوسع قاعدة العملاء، لاسيما من فئة الشباب والشركات الصغيرة.
  • مؤشرات ملاءة قوية وانضباط مالي: تدخل البنوك السعودية 2025 وهي تتمتع برسملة قوية ونسب كفاية رأس المال تفوق المتطلبات التنظيمية بكثير، مما يمكّنها من التوسع في الإقراض دون مخاطر على الاستقرار المالي. كما أن معدلات القروض المتعثرة (NPL) لا تزال عند مستويات منخفضة تاريخيًا بفضل نشاط الاقتصاد غير النفطي الصحي ووفرة الفرص الوظيفية. هذا الوضع المتين يحظى بإشادة وكالات التصنيف التي تبقي نظرتها مستقرة/إيجابية للقطاع، ما يسهل على البنوك جذب تمويل دولي عند الحاجة بشروط ميسرة.

التحديات:

  • تراجع الهوامش مع انخفاض الفائدة: من المرجح أن تشهد أسعار الفائدة العالمية اعتدالاً أو انخفاضًا طفيفًا مع انحسار التضخم العالمي، مما قد يقلص هوامش الربح الصافية لدى البنوك السعودية مقارنة بذروة 2023. صحيح أن نمو حجم الإقراض سيعوض ذلك جزئيًا ​arabnews.com، لكن استمرار هذا النمو يعتمد على البيئة الاقتصادية. أي تباطؤ في تنفيذ مشاريع الرؤية أو تراجع بالإنفاق الرأسمالي قد يخفّض وتيرة نمو القروض ويؤثر على الربحية.
  • الحاجة لمصادر تمويل طويلة الأجل: نظرًا لحجم المشاريع المخطط لها، قد تحتاج البنوك إلى زيادة التمويل الخارجي (مثل إصدارات السندات أو القروض المشتركة الدولية) لتلبية الطلب الائتماني المتصاعد​arabnews.com. الاعتماد الأكبر على الأسواق الدولية يعرّض البنوك لتقلبات شروط التمويل العالمية ورفع كلفة الأموال في حال تشدد الأوضاع النقدية أو تراجع التصنيف الائتماني السيادي. لذا يتوجب على المصارف تنويع قاعدة تمويلها والبحث عن أدوات محلية (كالسندات والصكوك المحلية أو التوريق) لضمان استدامة النمو الائتماني.
  • اشتداد المنافسة والتحول الرقمي: دخول لاعبين جدد غير تقليديين إلى الساحة المالية (مثل شركات التقنية المالية وشركات الاتصالات) يشكل تحديًا للبنوك التقليدية في بعض مجالات الخدمات. فقد بدأت شركات المدفوعات الإلكترونية وتمويل الأفراد تنافس البنوك في تقديم حلول أسهل وأقل تكلفة، مما يضغط على حصص السوق ويتطلب من البنوك الإسراع بتطوير منتجاتها الرقمية. كذلك فإن متطلبات الامتثال التنظيمي (Basel III وغيرها) ورفع معايير إفصاح المخاطر تفرض على البنوك المحافظة على احتياطيات رأس مال وسيولة كبيرة، مما قد يحد من قدرتها على التوسع العدواني مقارنة بمنافسيها من خارج القطاع المصرفي.

قطاعات اقتصادية أخرى مهمة

بالإضافة إلى القطاعات أعلاه، هناك مجالات أخرى حيوية للاقتصاد السعودي يُتوقع أن تلعب دورًا متزايدًا في 2025، ومنها السياحة والترفيه، والصناعة والتعدين، والبتروكيماويات، والنقل والخدمات اللوجستية. تستند هذه القطاعات إلى برامج رؤية 2030 الساعية لتنويع القاعدة الاقتصادية، وقد شهدت تطورات لافتة في السنوات الأخيرة.

قطاع السياحة والترفيه: حقق قطاع السياحة قفزات تاريخية جعلت السعودية واحدة من أسرع الوجهات نموًا في العالم. فقد تجاوز عدد الزيارات السنوية 100 مليون زائر في عام 2023 (متضمنة السياحة الداخلية والدينية والدولية)، متقدمة بسبع سنوات على مستهدف رؤية 2030 الأصلي​

دفع هذا الإنجاز وزارة السياحة لرفع المستهدف إلى 150 مليون زائر سنويًا بحلول 2030economymiddleeast.com.مما يبرز الطموح الكبير لهذا القطاع. في 2025، يُرتقب استمرار الزخم عبر افتتاح وجهات سياحية جديدة (كمشروع البحر الأحمر ومنتجع سندالة في نيوم ومشروع جبل السودة جنوبًا) وتوسع قطاع الترفيه الفعاليات العالمية (مواسم الرياض وجدة، واستضافة فعاليات رياضية وفنية دولية). كل ذلك سيزيد مساهمة السياحة في الناتج المحلي التي بلغت نحو 6% في 2023​ economymiddleeast.com.

الفرص: استمرار تسهيل التأشيرات السياحية وجذب استثمارات الفنادق والمنتجعات العالمية سيخلق وظائف ويحفز الإنفاق المحلي، كما أن تنوع المنتج السياحي (بين سياحة دينية وثقافية وترفيهية) يمنح السعودية ميزة تنافسية فريدة economymiddleeast.com.

التحديات: رفع جودة الخدمات السياحية وتدريب الكوادر المحلية لتقديم تجربة بمستويات عالمية يُعد تحديًا، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الربط الجوي وزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات والفنادق لتلبية الطفرة المتوقعة في أعداد الزوار. كما قد تؤثر التقلبات الاقتصادية العالمية أو الجيوسياسية على شهية السياح الدوليين، ما يستلزم خطط تسويق مرنة لمختلف الأسواق.

قطاع الصناعة والتعدين: يشهد هذا القطاع تحولات جذرية مع إطلاق المملكة لخارطة طريق صناعية تستهدف توطين التقنيات وتعظيم القيمة المضافة للموارد الطبيعية.

في التعدين, تبنت الحكومة استراتيجية لجعل المملكة مركزًا عالميًا للمعادن التعدينية، واستضافت منتدى المعادن المستقبلية 2025 الذي شهد توقيع 126 اتفاقية بقيمة 107 مليارات ريال (نحو 28.5 مليار دولار) لتعزيز الاستكشاف والابتكار والشراكات الدولية في القطاع​

هذه الاستثمارات الضخمة ستنعكس على زيادة إنتاج المعادن (كالذهب والنحاس والفوسفات) وتطوير سلاسل القيمة كالصلب والمعادن الصناعية، مدعومة بتحديث الأنظمة لجذب الشركات العالمية والمحلية.

أما في الصناعة التحويلية, فتتجه البوصلة نحو الصناعات المتقدمة مثل تصنيع المركبات الكهربائية والمعدات الإلكترونية والطبية. بالفعل، جذبت السعودية مصنعين للسيارات الكهربائية (مثل شراكة لوسيد موتورز لبناء مصنع محلي)، ويتم تطوير مدينة صناعية متقدمة في نيوم (أوكساجون) لتركيز تقنيات الروبوتيك والطباعة ثلاثية الأبعاد ksa.com.

الفرص: وفرة الموارد الطبيعية ورأس المال، إلى جانب الحوافز الحكومية (إعانات الطاقة والأراضي الصناعية وتمويل الصندوق الصناعي) توفر بيئة مواتية لنمو صناعات ثقيلة وتحويلية جديدة. كما أن إقامة مناطق اقتصادية خاصة للصناعة (بضرائب مخفضة وإجراءات ميسرة) يجذب مستثمرين عالميين​

من شأن هذه الجهود زيادة مساهمة الصناعة في الناتج وتوفير آلاف الوظائف التقنية.

التحديات: المنافسة العالمية في قطاعات الصناعات المتقدمة تحتّم نقل المعرفة التقنية وتدريب اليد العاملة المحلية بفعالية، وإلا قد تبقى القيمة المضافة محدودة. أيضًا، دورات أسعار السلع العالمية (كالصلب والنحاس) قد تؤثر على جدوى بعض الاستثمارات التعدينية، ما يتطلب إدارة مرنة واستراتيجيات تحوّط. ويبقى توفر سلاسل الإمداد ومورّدي المواد الوسيطة محليًا تحديًا ينبغي حله لضمان قيام صناعات مكتملة داخل المملكة comrise.com.

قطاع البتروكيماويات: يُعد قطاع البتروكيماويات امتدادًا تكامليًا لقطاع الطاقة السعودي، حيث تستحوذ المملكة على حصة كبيرة من الإنتاج العالمي للمواد الكيميائية الأساسية والبلاستيكية عبر شركات مثل سابك وبترورابغ وغيرهما.

بعد فترة ازدهار مطلع العقد الماضي، واجهت الصناعة تحديات منذ 2020 بسبب تقلبات أسعار النفط وضعف الطلب العالمي (لا سيما من الصين) وارتفاع تكاليف اللقيم. في 2025، يُتوقع أن تشهد أرباح الشركات تحسنًا متواضعًا مع تعافي الطلب في بعض الأسواق وبدء تشغيل مشاريع جديدة لرفع الكفاءة. تعمل سابك وأرامكو على إعادة هيكلة للأصول لزيادة التنافسية، بما في ذلك خفض التكاليف والتركيز على المنتجات ذات الهوامش الأعلى​ reuters.com​ .

الفرص: استمرار التكامل بين أرامكو وسابك سيمكن من تحقيق وفورات حجمية وتقليل تكاليف المواد الخام reuters.com. كما أن التوسع في منتجات متخصصة عالية التقنية (مثل المواد المُستخدمة في السيارات الكهربائية أو تقنيات الطاقة المتجددة) سيفتح أسواقًا جديدة أقل تنافسية. كذلك فإن قرب الانتهاء من مشروع تحويل النفط إلى كيماويات مباشرة سيوفر ميزة تقنية للمملكة ويعزز أمن إمدادات اللقيم للصناعة.

التحديات: ضعف هوامش الربح يظل هاجسًا، إذ لا تزال الصناعة عالميًا تعاني من فائض في الطاقة الإنتاجية وضعف الطلب مما يضغط الأسعار​ هذا يتطلب من الشركات السعودية الاستمرار في جهود ضبط التكاليف وزيادة الكفاءة التشغيلية للحفاظ على الربحية reuters.com.

كما ان التقلب الشديد في أسعار المواد الخام (النفط والغاز) ينعكس فورًا على هوامش الشركات، ما يستلزم استراتيجيات تحوط مالي وإدارة مخزون ذكية. وأخيرًا، تشهد الصناعة توجهًا عالميًا نحو الاستدامة وتقليل البصمة الكربونية في المنتجات البلاستيكية، مما يفرض تحدي الابتكار لإنتاج مواد صديقة للبيئة وتدوير المخلفات البلاستيكية محليًا لتفادي عقبات في الأسواق التصديرية مستقبلاً.

قطاع النقل والخدمات اللوجستية: تعمل المملكة على استثمار موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يتوسط قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا لتحويله إلى مركز لوجستي عالمي.

يشهد 2025 انطلاق عمليات تطوير كبرى في هذا القطاع، أبرزها الإطلاق المزمع لشركة الطيران الوطنية الجديدة “طيران الرياض” لتكون ناقلًا جويًا عالميًا يربط العاصمة بالرياض بعشرات الوجهات، وتوسعة مطاري الرياض وجدة وإنشاء مطار دولي جديد في الرياض بطاقة هائلة لاستيعاب النمو السياحي والتجاري.

كما يتواصل تنفيذ مشروع الجسر البري للسكك الحديدية الذي سيربط ساحل الخليج العربي بساحل البحر الأحمر عبر شبكة قطارات حديثة، مما سيُحدث نقلة في نقل البضائع بين موانئ المملكة ويختصر الوقت والتكلفة. إلى جانب ذلك، يتم تحديث الموانئ البحرية التجارية (كميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبد الله) وطرح تشغيل بعضها للشركات العالمية لرفع كفاءتها.

الفرص: هذه المشاريع وغيرها ستعزز من تنافسية السعودية في قطاع الخدمات اللوجستية، وتجذب مزيدًا من الاستثمارات في التخزين والنقل وصناعة الشحن. الهدف المعلن أن ترتفع حصة القطاع اللوجستي من الناتج المحلي وتصل المملكة إلى مراتب متقدمة في مؤشر الأداء اللوجستي العالمي.

البيئة التنظيمية تشهد تحسنات مثل تسهيل إجراءات التخليص الجمركي وتطبيق أنظمة نافذة موحدة، ما يرفع من جودة الخدمات ويجذب شركات التجارة الإلكترونية العالمية لإقامة مراكز توزيع إقليمية في المملكة.

التحديات: المنافسة الإقليمية شرسة من مراكز لوجستية مجاورة (مثل دبي في الإمارات) التي تتمتع بأسبقية في هذا المجال؛ لذا يجب على المملكة تمييز عروضها بخفض التكاليف وتحسين السرعة. كذلك يتأثر القطاع بتقلبات التجارة العالمية؛ فأي تباطؤ اقتصادي عالمي قد يقلّل أحجام الشحن عبر المنطقة. كما أن إنجاز مشاريع البنية التحتية في المواعيد المحددة وضمن الميزانيات المرصودة يمثل تحديًا تنفيذيًا، لكن نجاحه ضروري لتحقيق مستهدفات القطاع.

خلاصة: بشكل عام، تبدو آفاق السوق السعودي في عام 2025 إيجابية في ظل استمرار زخم البرامج الإصلاحية ورؤية 2030، وذلك رغم بعض الرياح المعاكسة من الاقتصاد العالمي. ستظل أسعار النفط وتحركاتها عاملاً مؤثرًا على وتيرة النمو والاستثمار، إلا أن التقدم الكبير في تنمية القطاعات غير النفطية سيجعل الاقتصاد السعودي أكثر تنوعًا وقدرة على امتصاص الصدمات​

وإذا نجحت المملكة في اغتنام الفرص السانحة بكل قطاع – كتعزيز المحتوى المحلي في الصناعة، واجتذاب السياح والمستثمرين، ورفع كفاءة الإنفاق – وفي الوقت نفسه إدارة التحديات بحكمة – كتقلبات الأسواق وتطوير رأس المال البشري – فإنها ماضية نحو تحقيق مستهدفاتها الطموحة وترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية ذات نمو مستدام ومتنوع gulf-insider.com.

المصادر:

التقارير الدولية والمحلية المذكورة أعلاه (صندوق النقد الدولي، وكالة الطاقة الأميركية EIA، ديلويت، إس&بي جلوبال، صحافة اقتصادية محلية وعالمية) تشير إلى هذه التوقعات وتعزز مصداقية التحليل من خلال البيانات والاستشهادات المرفقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *